العنوان | الحواف الحادة.. في جيوبولتيك العراق مع الممرات البرية |
المؤلف | مجموعة باحثين |
الناشر | مركز دالة لتحليل السياسات والاستشارات |
العام | كانون الثاني 2024 |
أن لأفول شمس القرن الأمريكي متغيرات مست خرائط التجارة الدولية والتي عملت على توظيفها القوى الصاعدة الجديدة كالصين وروسيا والهند، إذ بدأت تلك القوى النظر إلى مصالحها بعيداً عن الخشية من ردود الفعل الأمريكية التي أتسم بها عصر التفرد.
وفي خضم تلكم التفاعلات ولدت مجموعة من المشروعات التجارية الكبرى القديمة والحديثة ومنها طريق التنمية والقناة الجافة الذي يمكن تشبيهه إلى حد كبير بطريق (بصرة – برلين)، الذي يعود تاريخه إلى المدة الممتدة مابين (1899- 1914) المتبنى من قبل الدولة العثمانية والمانيا آنذاك، وقد اطلقت الحكومة العراقية في 27 آيار 2023 هذا المشروع تحت مسمى (طريق التنمية والقناة الجافة لربط ميناء الفاو بتركيا وصولاً إلى أوروبا).
ولأهمية المشروع وضعه مركز دالة لتحليل السياسات والاستشارات تحت المجهر العلمي، متضمناً ندوة علمية تناولت مجموعة بحوث غطت أهم وأغلب موضوعاته ومن ثم خرج بكتاب يمكن أن يوصف بانه ذو تحليل علمي ومنطقي وشامل للمشروع.
فتضمن المحور الأول (موقعية الصراع الدولي على جيوبولتيك العراق في إطار طريق التنمية والقناة الجافة) انطلاقاً من أهمية العراق الجيوبولتيكية مما جعلت أكثر من قوى دولية (الامريكية- الروسية- الصينية) طامحة لاستغلال تلكم المكانة للانتشار والنفوذ الى الشرق الاوسط، ووفقاً للرؤية العراقية فان المشروع يحقق أكبر قدر ممكن من المصالح المتعارضة في آن واحد. وقد جاء التعقيب متعارضاً مع ماتضمنه البحث إذ يظهر بوضوح أنه يخدم استراتيجية امريكية وخليجية محددة لإعاقة طريق الحرير الصيني من جهة وتالياً سيكون مرحلة في سياق التكامل الاقليمي للمنطقة.
أما المحور الثاني،(أولويات الرؤية الوطنية العراقية لتخفيف مخاطر(السلب الجيوبولتيكي) لمشروع طريق التنمية والقناة الجافة 2023) مرتكزاً على اطر مفاهيمية ذات اهمية للبحث ومنها (السلب الجيوبولتيكي أي عدم قدرة صانع القرار على بلورة او تحويل الامكانات التي تتوافر لديهم داخل الدولة وترجمتها على أرض الواقع، .. وبذلك تستطيع الدول المنافسة المجاورة أن تستحوذ على ماهو حقاً او هدفاً للدولة المعنية). وقد استند الباحث على البيانات والمعطيات الرقمية في ايصال الرؤية الوطنية العراقية 2030، وأهم التحديات السياسية والبيئية. لينتقل إلى عرض مشروع التنمية وماله وماعليه اقتصادياً، والرؤية الوطنية لمواجهة تحديات السلب الجيوبولتيكي والاولوية العراقية أين تحتم؟ وتلاه التعقيب ليحدد نقاط القوة والضعف في البحث ويختمها بمشروطية واضحة وهي (ان طريق التنمية خطوة اولى ناجحة يجب ان تصاحبها خطوات اخرى، وأن لا يقتصر على أن يكون طريقاً للبضائع وحسب؛ بل هو مشروع للتنمية الحقيقية وأن يحقق فوائده السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية).
ثم ينتقل المحور الثالث ليركز على، (الدوافع الاقتصادية والاستراتيجية من وراء تزاحم الدول المجاورة على طريق التنمية) من حيث أهمية العراق في خارطة الطاقة العالمية خصوصاً أن الامريكان الآن (بعد الحرب الاوكرانية) يبحثون عن بدائل عن الغاز والنفط الروسي الذي يصل لأوروبا. ولا نغفل الاهمية الاستراتيجية للعراق إذ يشكل رقماً مهماً في حسابات الهيمنة والنفوذ الدولية والاقليمية، ومن ثم يصل الى المقارنة بين المشاريع التنافسية في المنطقة وأهميتها للعراق اي طريق التنمية مع مبادرة الحزام والطريق. لنجد المعقب بعد تحديد نقاط القوة والملاحظات والاستفسارات على متن البحث، يركز على المحددات الداخلية والخارجية لطريق التنمية والحوافز والمكاسب الاقتصادية والسياسية والأمنية.
بينما تضمن المحور الرابع من الكتاب (مكانة طريق التنمية والقناة الجافة في أجندة تنافس الاقطاب الكبرى على الممرات البرية)، إذ جاء بمراجعة تاريخية لطريق البصرة- برلين ومدى التشابه مع طريق التنمية، والتركيز على مواقف الدول الاقليمية والدولية من طريق التنمية، وقد خلص الباحث الى ان المشروع سيبقى محكوماً بالتجاذبات الدولية(الامريكية، الروسية- الصينية) والاقليمية(تركيا، ايران، السعودية، سوريا) نتيجة لمحدودية الادوات بيد صانع القرار العراقي في هذه المرحلة، فضلاً عن فاعلية نفوذ بعض الاطراف الدولية والاقليمية في الساحة العراقية.
لينتقل بنا المحور الخامس ماقبل الأخير إلى(تأثير الممر الهندي – الاماراتي- الاسرائيلي على طريق التنمية)، ليحدد لنا تكلفة مشروع طريق التنمية والايرادات المتوقعة وطول المشروع والطاقة المتوقعة للنقل في المرحلة الاولى وتاريخ انجاز المشروع، وأهداف المشروع، ثم يشير إلى مطالب الدول الاقليمية، وأهمية المشروع بالنسبة للعراق، وماهي العقبات والتحديات التي تواجهه؟ من ثم ينتقل إلى مشرع الممر الهندي ليتطرق إلى أهميته ودوافعه وأهادفه الاساسية، والتحديات وجيوسياسية والجيو اقتصادية، والتجارية والتنظيمية، وليختمها بمعرفة العلاقة بين الممر الهندي وطريق التنمية.
واتساقاً مع أهمية مشروع طريق التنمية والاحداث الاقليمية (الحرب على غزة) تناول المحور السادس والاخير (الحرب على غزة: حدود القوة وتصادم الارادات: قراءة في التمكين السياسي) استند البحث في تحليل البيئة الاستراتيجية على جملة من المقاربات والمنظورات، لتحليل المتغيرات وانماط القوة وانعكاساتها على حركة المصالح، وثم تحليل بيئة الردع الجيولوتيكي وفق ثلاث محددات (منطقة العمل، منطقة الاهتمام، منطقة التصادم)، إذ شكل الردع الجيوبولتيكي واقعاً جديداً في فرضيات الحرب الدائرة في غزة، لما يحمله من مصداقية التمكين الجيوسياسي في السيطرة على الممرات المائية والقرب الجغرافي من المصالح الحيوية. فالحرب على غزة قد تذهب وبشكل فاعل بأتجاه تغيير التفاعلات والشراكات في المنطقة.
ثم يختتم الكتاب بتعقيب ورؤية المركز، المرتكزة على الفرصة الواقعية في مشروع التنمية تبدأ من انشاء المدن الاقتصادية الكبرى في العراق، لاسيما في الوسط وبغداد، والامساك الامني التام والكفوء في نهايات الطريق، وبما فيها مشكلات دول الجوار مع هذه المنطقة (تركيا وسوريا) لان الخلل فيها يسمح بتواجد الحماية الاجنبية على هذا الطريق داخل العراق.