المؤلفون: د. عبد علي المعموري د. شفق عبد الوهاب المختار
الناشر: مركز دالة لتحليل السياسات والاستشارات
توزيع: دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت
عدد الصفحات وسنة النشر: (267 ) صفحة / 2022
عرض: د. زينب شعيب
يعنى هذا الكتاب بدراسة مستقبل النفط كأحد مصادر الطاقة التي يعتمد عليها العالم، ويتبنى المؤلفون منذ البدء تساؤلاً مركزياً تدور حوله كل موضوعات الكتاب وتحليلاته، هل بالإمكان أن يغرب عصر النفط ومتى؟ وهل أنبلج فجر طاقات أخرى متجددة، نظيفة وصديقة للبيئة، حيث ان المعطيات على الأرض تشير بحدوث تحولات في مسار الطاقة وأمنها وبدائلها، وهو ما سيحدث تغيرات مهمة في مكانة الطاقة التقليدية في موازين الطاقة العالمية، وطبيعة أسواق النفط التقليدية (القواعد والمحددات)، بالتالي ستتفاعل الأسواق وتتأثر أنظمة تسعير الغاز الطبيعي خاصة وإن جغرافية اسواق الغاز الطبيعي متباينة، ويقابل الغاز الطبيعي النفط في الأهمية أهمية كمصدر أساس للطاقة يساهم بشكل رئيس في تقدم العالم، ومن دونها لم يكن ممكناً أن يتحقق ما تحقق من التطور الصناعي والتكنلوجي، وأكثر الدول استطاعت استثماره وتوظيفه هي البلدان الصناعية المتقدمة (الغربية)، فهي المصنعة له خاصة النفط والمشتقة منه للآلاف من السلع الصناعية على خلاف البلدان التي تستخرجه، والتي تصدره كمادة خام، فتحاربت وتكالبت الدول الغربية من أجل السيطرة عليه بعد الحرب العالمية الثانية، وتقاسم مناطق إنتاجه عبر شركاتها، بالتالي فقد كان القرن العشرين قرن الطاقة النفطي، وتمخض عنه هيمنة الشركات النفطية، ومن أهم الأساليب والاجراءات التي حولت سوق النفط من احتكار القلة إلى سوق المنافسين، كانت جملة ما اتخذته الدول الأوربية والولايات المتحدة من اجراءات أهمها تشجيع الاستثمار في بدائل النفط ومصادر الطاقة ومنها الغاز الطبيعي وكذلك الطاقات المتجددة، بجانب التطورات التكنلوجية التي نجم عنها خفض مكون الطاقة في أنتاج السلع والخدمات والهدف هو خفض الطلب على النفط .
أضافة الى زيادة المنافسة في ظل تطور تكنلوجيا الحفر والمعالجة للطاقة الصخرية، والتي أدت الى خفض مستمر في تكاليف الإنتاج، مما أرتقى بالتالي بالنفط والغاز الصخري، ليصبح بديلاً تاماً للنفط والغاز الاحفوري التقليدي، وكان ذلك مقابل ارتقاء الطاقة الاحفورية؛ حيث التحول يحدث بشكل بطيء ومستمر من الطاقات الملوثة الى الطاقات النظيفة، وهذا ما قاد الى تنافس داخل مصادر الطاقة الاحفورية نفسها (بين النفط والغاز الطبيعي)، وقد بين المؤلفان من خلال الغوص في التفاصيل والبحث العلمي والتحليل المنطقي وفق المعطيات والبيانات المتاحة حول بدائل الطاقة وحاجة السوق ووجود التنافس فإن كان القرن العشرين يسمى (قرن النفط) فإن القرن الحادي والعشرين في نصفه الأول هو (قرن الغاز الطبيعي) بامتياز، خاصة وأن التنافس لن يكن بين النفط والغاز بل بين الغاز الطبيعي التقليدي والصخري، وأن التطورات التكنلوجية من شأنها تخفيض مستويات التكاليف إلى ما يجعل الغاز الصخري منافساً قوياً للغاز التقليدي، وفي منطق النظرية الاقتصادية بديلاً تاماً، كما أن الغاز المسيل ايضاً ستمتد إليه التطورات التكنلوجية، بما يدفع أغلب البلدان المنتجة للغاز إلى تبني هذه الصناعة لغرض تلبية حاجة الأسواق وتحقيق المرونة .
إن طبيعة المنافسة الإنتاجية بين الغاز الطبيعي التقليدي والصخري، تتأثر كون روسيا والولايات المتحدة الأمريكية استحوذت عليه لسنوات عديدة، وللدولتين المكانه الأضخم لإنتاج للغاز الطبيعي في العالم، إذ كان الإنتاج الروسي يفوق نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد ما، إلا أن السيناريوهات تغيرت لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، ففي عام 2015 بلغ الانتاج الأمريكي من الغاز الطبيعي (768071) مليون متر مكعب محققة بذلك رقماً قياسيا بأعلى من الإنتاج الروسي الذي بلغ (594800) مليون متر مكعب، وأن الغاز الصخري العامل الأساس وراء الزيادة في أنتاج الغاز في الولايات المتحدة الأمريكية .
ومن الحقائق المهمة أن الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية، كندا والصين لا يعد مستداماً، نتيجة الأفراط في الإنتاج، في حين تملك روسيا، إيران، قطر، المملكة العربية السعودية، الجزائر، وتركمانستان حصص أنتاج متناسبة مع مستوى احتياطياتها من الغاز الطبيعي، وهذا يبين أن تلك الدول ستمارس دور المغذي الأكبر للعالم في القرن الحادي والعشرين (القرن الذهبي للغاز الطبيعي) .
إن البلدان المنتجة للنفط والغاز الطبيعي عليها أن تتدارك أوضاعها، وتركب قطار التحول بحسابات دقيقة، وتستفيد مما تبقى من عصر النفط والغاز، ومن دون ذلك ستعود هذه البلدان إلى ما قبل اكتشافه، فالعالم ينزاح بقوة نحو عالم جديد لا يبقى من تراث القرن العشرين إلا تاريخه، وما سيتولد عن التحولات العلمية ووالتكنلوجيا جديرة بتشكيل حضارة جديدة، وموجه جديدة من الثقافة والنظم السياسية، وستتغير تراتبية الدول في سلم النظام العالمي، وستكون انعكاسات ذلك واضحة في النظم الاقتصادية، بما تتضمنه من نظم الانتاج والتشغيل وأنماط الاستهلاك وتنسل إلى التعليم وطرق العيش والعلاقات الاجتماعية، بحيث نصبح بإزاء عوالم متعددة وليس عالم واحد، لذلك يتوجب على الدول أن تسارع الخطى للوثوب إلى قطار العالم ما بعد 2050، حتى تستدرك تماماً مكانتها ودورها، فيما من يتعثر أو لا يدرك التغيرات والتحولات الجارية، فأنه سيظل يقبع في عصر مختلف من العصر الذي تتجه إليه البشرية .
